الخميس، 24 أكتوبر 2013

حقائق و اوهام ج2

حاولت في الجزء الاول من هذا المقال تصحيح المفهوم السائد عند اغلب الناس، بحسن نية، و ما يروج له بعض قادتنا و مثقفينا، بسوء نية، من عظم التأثير اليهودي على الدول العظمى و الذي أدى الى إنشاء اسرائيل و حمايتها ودعمها. ناهيك عن تعميق صورة اليهودي في اذهان العرب و المسلمين بأنه مندس في كل مكان و لا قبل لنا به لأنه كالسرطان يجول كما يشاء في احشاءنا. وقد بينت ان انشاء اسرائيل هي رغبة غربية قبل ان تكون يهودية وان الصهيونية الحديثة هي اساسا حركة مسيحية بدأت عمليا في المانيا وانشأت اول مستعمراتها في فلسطين فعليا في 1868. اي عقودا قبل تشكيل المنظمة الصهيونية العالمية بزعامة هرتسل سنة 1897م، صحيح ان اليهود قد تعرضوا للاضطهاد على اساس ديني و عنصري في مختلف بلدان العالم المسيحي لقرون طويلة الا ان مشروع الوطن القومي و العودة الى ارض كنعان لم يتبلور الا من بعد ما انفرج فجر جديد في اوروبا بالثورة الفرنسية و سواد العلمانية و افول العنصرية و التأثير الديني الرسمي. اي من بعد زوال الاسباب. ان مشروع العودة الى ارض كنعان او الوطن القومي لليهود الذي تطور الى دولة اسرائيل ما كان ليكون ابدا لولا التحريض عليه من قبل الغرب اولا. و ذلك لأسباب دينية و امنية و عنصرية تخص الغرب اكثر مما تخص اليهود. و هي دائما نفس الاستراتيجية التي بدأها نابليون في حملته على فلسطين. التخلص من اليهود عنصريا و التعجيل بالتنبؤات بعودة المسيح و انشاء قاعدة عسكرية متقدمة تضمن السيطرة على الشرق و ان لا تقوم له قائمة مرة و الى الابد. اذن كيف نفهم و نقيم العلاقة ما بين اسرائيل و امريكا مثلا. هل هي شراكة؟ هل هي تبعية؟ ايهم يتبع الآخر؟ هل اللوبي الصهيوني اليهودي هو الاقوى في امريكا ام اللوبي الصهيوني المسيحي؟. هم يسمونها علنا و بدون مواربة تحالف استراتيجي. هي بالنسبة للدولة واقعيا علاقة مصالح مثل التعاقد مع شركة امنية و بالنسبة للوبي المسيحي الصهيوني القوي مسألة التزام ديني. اما بالنسبة للفلاسفة و المفكرين و الرأي العام فيشعرون بالقرب اكثر من اسرائيل كونها امتداد للثقافة الغربية و واحة الديمقراطية في وسط ظلامي. و في كل الاحوال لا يستقيم ابدا الادعاء بان اسرائيل تحكم امريكا او روسيا او اي دولة اخرى في العالم (غير بعض الدول العربية). الدول الكبرى في العالم دول مستقلة تحكمها مصالحها و تفرض نفسها و تؤثر في الآخرين بقوتها الاقتصادية و الثقافية( والعسكرية ان لزم). و لا تساوم. امريكا او روسيا او اي دولة في العالم ستتخلى عن اسرائيل و عن غيرها عندما يكون ضررها اكثر من نفعها. و ارجو ان لا يذكرني احد بالمبادئ فقد ذهبت المبادئ دوما ضحية المصالح. اذكر قول ارييل شارون اثر انتقاد رونالد ريجان للحملة الاسرائيلية على لبنان في 1982 و الحملة الاعلامية الامريكية التالية ضده شخصيا، ان اسرائيل قدمت لأمريكا في الشرق مقابل 100 مليار دولار (مجموع مساعداتها لإسرائيل حتى تاريخه) ما يساوي في قيمته 300 مليار دولار انفقتها امريكا على قواتها لنفس المهمة في اوروبا بعد الحرب العلمية الثانية. اسرائيل هي عدوان غربي على الشرق كله. و ما هي إلا قاعدة متقدمة له. و ان العلاقة بينهما علاقة تعاقدية. و العدوان على الشرق ليس معناه العدوان على دوله الحاضرة و انما هو العدوان على الفكرة و العقيدة و الحضارة و المستقبل. الهدف الاول و الاخير ان لا تقوم للشرق قائمة. هذا هو سر محاربتهم لأي دعوة وحدوية قومية او اسلامية او ثقافية او لغوية. و للأسف ليس اسرائيل وحدها فقد تم تنصيب بعض الانظمة العربية و التعاقد او التفاهم الضمني مع بعضها الآخر لضمان تحقيق نفس الهدف. ما معنى هذه النتيجة؟ 1-وجود اسرائيل بحد ذاته عدوان غربي على المنطقة مهما تغيرت الظروف و مهما تغيرت الحكومات لأنها وجدت لحماية مصالح متضاربة مع مصالح المنطقة بل للسيطرة عليها. 2- لا يمكن فصل اسرائيل عمن وراء اسرائيل ونرجو حلا ممن اوجدوها كمن نستجير من الرمضاء بالنار. 3- القضية ليست خاصة بالشعب الفلسطيني ابدا. بل بالشرق كله. انما كان القدر ان تكون في فلسطين. و لسوء حظ المعتدين نسوا ان فيها شعب من الجبارين. و قف هذا الشعب امام اعتى القوى و ضد كل الخيانات يقاوم المشروع الاسرائيلي دفاعا عن انفسهم و عن الشرق كله و ما زال. 4- كانت اولى المستوطنات اليهودية في شرق الاردن و ليس غربه. و لو تمكن اليهود من فلسطين لحققوا حلمهم الذي يؤمنون به بدولة اسرائيل من الفرات الى النيل. فحدود فلسطين ليست فقط مصطنعة بل ووقتية ايضا. 5- ان الله قد شرف وكرم اهل فلسطين و من وقف معهم في هذا الرباط و الجهاد. و الذي هو اصح انواع الجهاد و انقاها لأنه في سبيل الله و مرضاته و دفاعا عن الامة كلها. و رغم ما اصاب اهل فلسطين من اذى من اخوانهم الذين يدافعون عنهم فما وهنوا في دفاعهم عن الامة و لا استكانوا. و يساهمون في البناء حيث هاجروا باجر و بدون اجر. 6- ان هناك ممن مازال يلمز و يغمز بالفلسطينيين او يمن عليهم و هو لا يطال إقدامهم فليتوارى خجلا لو كان لديه ذرة من عقل او شرف او دين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق