الخميس، 24 يونيو 2010

في امريكا... لا فرق بين عربي وأعجمي
خليل قطاطو القدس العربي

6/24/2010



تلونت سفينة مرمرة بالأحمر، تسع دوائر حمراء دافئة عطرت المكان باللون لون الدم، والريح ريح المسك. قطعوا الأميال والأمنية ملاقاة تراب غزة بمياه غزة ركضت لملاقاتهم واحتضانهم وكأنها عرفت انهم لن يصلوا ولكنهم وصلوا.
في واشنطن، أُتخمت آذاننا بعبارات مثل حقوق الانسان، والحرية، والعدالة، والمساوة.. وما شابه حتى بتنا نعتقد اننا أصبحنا عاجزين عن فهم اللغة أو مفرداتها، أو لعل القوم يقصدون بالكلام تورية، كناية أو مجازاً لا ندرك كنهه.
الولايات المتحدة تغدق على العالم خطباً رنانة وتنافح عن الجمهورية الفاضلة، مبادئ وتضحيات جاهزة للتطبيق الفوري، ولكن لكوكب آخر، في مكان ما، في زمان ما أما هذا الكوكب فعليه ان ينافق، ويجامل، ويتاجر ويتلون بوجوه وأقنعة متعددة، ويعيش في حفلة تنكرية ليلاً ونهاراً، فيكون اللص شرطياً والقاضي سمساراً، والمحامي متهماً، والبهلوان حكيماً، والمليونير مشرداً، والسياسي واعظاً، والقرصان فارساً فلا تنتهي الحفلة التنكرية بل تصبح واقعاً، وتختلط الأدوار والأوراق، فلا ندري ما نرى احلم جميل ام كابوس ثقيل ام الاثنان معاً.
عودة الى الدوائر الحمراء التسع، ثماني منهم أتراك أتراك، والتاسع تركي امريكي، فهل من فارق؟ فهلاّ انتفضت هذه القوة الكبرى، القوة الوحيدة لأحد رعاياها وتطالب بدمه، وتدعو لتحقيق، استجواب مساءلة، محاكمة فعل ما. لم يحدث شي، ونسيت الفضائيات احد رعاياها ونسته الحكومة، والمشرعون، وانشغلت واشنطن ببقعة الزيت في لويزيانا عن بقعة الدم في المتوسط، هل انتصر الدولار الاخضر على الانسان ودمه، ام سما الدم الاحمر الى الاعلى ولوث الزيت سطح الخليج، فهربت الاسماك أو انتحرت حزناً او احتجاجاً.
قد يبسّط البعض القضية برمتها ويستنتج ان واشنطن باعت دم الشاب التركي فقط لكونه مسلماً، لا.. خطأ جسيم لأننا لم نقرأ التاريخ، لا الحديث ولا المعاصر.
في ربيع 2003، شابة امريكية في ريعان العمر تركت بلادها وحجت الى غزة لتدافع عن حق البسطاء في بيت له اربعة جدران وسقف بدل الخيمة للمرة الثانية أو العاشرة او... تضامن، ليس على الورق، ولا خلف الميكروفونات ولا في الغرف المكيفة، بل فوق الرمال، فتاة نحيفة تواجه جرافة، امريكا بوجهين يتصارعان، ملاك صغير يدافع عن أبسط معاني الحرية والعدالة امام شيطان في هيئة جرافة (كاتربلر امريكية) وجندي اسرائيلي يمتطيها يعتقد ببلاهة ان جنازير عجلاته، تسحق الجسد، فيقتل الحرية، واذا بالحرية تتوالد وتتكاثر وتبعث من جديد في كل المدن والمرافئ والمنافي، صارت راشيل كوري ايقونة للحرية.
راشيل ليست عربية ولا مسلمة، امريكية بيضاء، ولم تبال واشنطن بدمها كما الشاب التركي شهيد مرمرة اليس هذا دليلاً ساطعاً على ان امريكا لا تفرق بين عربي وأعجمي، فكل الدم عندها رخيص، رخيص جداً اذا كان القاتل اسرائيلياً. اسرائيل قالت ان العملية تمت خطأ، وامريكا دولة متسامحة، قبلت العذر، فلا داع للجنة تحقيق او مساءلة او محاكمة او استجواب، لا شيء على الاطلاق، فلينم مجلس النواب قرير العين لا يكدر احلامه حادثة بسيطة جداً بطريق الخطأ حدثت على تراب غزة، فغزة هذه في كوكب آخر. ولحم راشيل تحت الجنازير لن يعكر صفو العلاقات الامريكية الاسرائيلية العميقة عبر التاريخ (القصير) لدولتين تحملان نفس المبادئ الديمقراطية الاصيلة، الحرية، العدالة، المساواة، وثمة مبدأ آخر، الاستهتار بماء الابرياء، ديمقراطية من طراز جديد.
لنعد الى الوراء أربعة عقود ونيف، في الثامن من حزيران/يونيو 1967، سفينة Liberty, USS تستلقي على مياه المتوسط في عرض المياه الدولية، والاعلام الامريكية ترفرف على جوانبها، الطائرات الحربية الاسرائيلية تقصفها بضراوة، بطريق الخطأ معتقدة انها سفينة مصرية!
مع فارق الحجم بين السفن المصرية المتواضعة والسفن الامريكية العتب على النظر، او على الرادارات العمياء والنتيجة 34 قتيلاً، و 178 جريحاً، مجزرة بطريق الخطأ! امريكا قبلت العذر ببساطة بلهاء، الم يكن احد من البحارة عربياً ولا مسلماً، امريكيون بيض وسود، لا فرق في امريكا الحرة بين عربي وأعجمي، مرة ثانية لا مساءلة ولا محاكمة ولا استجواب ولا لجان تحقيق، والكونغرس بشقيه النواب والشيوخ يتمتع بخصال حميدة فلا حنق ولا غضب ولا ثأر، حلم وتسامح وغفران لا نظير له.
حدثني جو ميدورس، احد البحارة الناجين من سفينة Liberty USS انه ما من مسؤول امريكي سألهم عما حدث ابدا وانهم في كل سنة (منذ 43 عاماً) وهم يحيون ذكرى المجزرة بمأتم، ويدعون المسؤولين للحضور والمشاركة، ولا رئيس او وزير دفاع او خارجية او عضو كونغرس (نائب او شيخ او سيناتور) حضر ابداً، الم اقل لكم في امريكا لا يهم ان كنت عربياً او مسلماً او ابيضاً او اسودا، فدمك رخيص اذا كان قاتلك اسرائيلياً فانت المذنب لانك عذبت القاتل اثناء الجريمة التي ارتكبتها بحقه.
البيت الابيض اسف لسقوط ضحايا، والصحف الامريكية تصف الجنود الاسرائيليين بالمدافعين عن انفسهم امام استفزاز ناشطي الحرية الذين استعملوا العنف. الكونغرس الامريكي في سبات عميق، لا بل استيقظ احدهم وطالب بمحاكمة كل الأمريكيين الذين كانوا على متن سفينة الحرية وكسر الحصار وربما توجه اليهم تهم الارهاب والاضرار بالعلاقات الوطيدة بين أمريكا واسرائيل، ألم أقل لكم انها حفلة تنكرية حقيقية.
دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى اسمه ادوارد بك كان على متن سفينة يونانية في قافلة الحرية، اقتيد كغيره إلى 'أسدود'، وهناك طولب بالتوقيع على ورقة (مكتوبة بالعبرية) وعندما سأل عن محتواها أخبره الضابط الاسرائيلي بأنها تفيد بأنه خالف القوانين الاسرائيلية.
- أي قانون؟
- دخولك البلاد بطريقة غير شرعية.
- ولكنكم أقتدتمونا من عرض البحر، من المياه الدولية.
- اما ان توقع، واما ان تحتجز لثلاثة أيام ثم تقدم للمحاكمة..
وقع، أخذوا منه كل ما معه.. هاتف، كاميرا، بطاقات اتصالات دولية... كتب إلى الخارجية الأمريكية، وما زال ينتظر الرد، جو ميدورس كان رفيقه على نفس السفينة اليونانية من أسطول الحرية، لم ينس المجزرة 1967.. الخلاصة بسيطة، لماذا لا يتفق الرئيس والكونغرس على اضافة مادة جديدة للدستور الأمريكي:
'الدم الأمريكي مقدس وغال، ولا يهم ان كنت عربياً، مسلماً، أبيض، أسود أو أصفر أو من الهنود الحمر فكلكم سواسية، إلا اذا كان قاتلك اسرائيلياً، فعندئذ دمك رخيص.. رخيص، والاسرائيلي لن يسائل، الاسرائيلي فقط له حق القتل... العمد أو عن طريق الخطأ.. سيّان'.
ألم أقل لكم انه زمن رديء.. رديء جداً.

' كاتب فلسطيني مقيم في أمريكا

الثلاثاء، 22 يونيو 2010

حضارة اللواط والموقف من الاعتداء على سفينة الحرية، القدس العربي 6/22/2010

حضارة اللواط والموقف من الاعتداء على سفينة الحرية، القدس العربي 6/22/2010
لم يكن مفاجئاً أن يأتي الموقف الغربي من الهجوم على سفينة الحرية بهذه الهشاشة وهذا الضعف. وبكل حال، فإننا لم نتوقع من مجلس الأمن الدولي المسيطر عليه صهيونياً وغربياً إدانة صريحة وواضحة للهجوم البربري الذي شنه الكيان الصهيوني على مجموعة مسالمين في عرض البحر لا سلاح لهم ولا قوة تحميهم.
الغرب هذا، هو المسؤول عن ضياع فلسطين كلها، وليس عن مجزرة سفينة الحرية فقط، فمن غير المعقول أن يدين اليوم، هجوم الصهاينة على المتضامنين مع غزة في الوقت الذي سلم فيه فلسطين للصهاينة وعمل خلال سبعين عاماً على تثبيت أقدام شذاذ الأرض في أرض عربية إسلامية. أليس البريطانيون هم الذين منحوا فلسطين التي لا يملكونها إلى الصهاينة الذين لا يستحقونها، أليست فرنسا هي التي طورت القدرات النووية الصهيونية وزودتها بالطائرات المقاتلة لتضرب الشعوب العربية في كل مكان. أوليست ألمانيا هي التي تحلب شعبها فتعطي الحليب إلى الصهاينة تكفيراً عن قصص لا نعرف أصلها وفصلها. أم تريدون أن نذكر أمريكا التي أعاقت بإرهابها عشرات القرارات ضد الكيان الصهيوني الغاصب.
لم نتوقع أي إدانة عملية للقرصنة الصهيونية من الدول العربية نفسها ولا من عمرو موسى ذاته، حتى نتوقعها من الدول الغربية والولايات المتحدة، راعية الإرهاب واللواط في العالم.
إن الدول الأوروبية التي تدعي الحضارة، وتدعي حماية حقوق الحيوان فضلاً عن الإنسان، لم تهتز ولم تنبس ببنت شفة لإدانة الهجوم على أسطول الحرية كما أنها لم تدن يوماً الاعتداءات الصهيونية الأمريكية البربرية على جنين وغزة وصبرا وشاتيلا وبغداد وملجأ العامرية ولا تزال القائمة طويلة لا تنتهي.
فإذا كانت أوروبا وأمريكا من الدول المتحضرة التي تدعي رعايتها لحقوق الإنسان فلماذا لم تقف وقفة واضحة في مجلس الأمن لإدانة ما فعله الصهاينة ولماذا لم تسحب تلك الدول سفرائها من تل أبيب. لكن لو أن لواطياً تعرض لمضايقة في بلد إسلامي لقامت الدنيا ولم تقعد، وخرجت رؤوس اللواطيين في أوروبا كلها لتدافع عن ميل هذا الرجل الفطري إلى بني جنسه أو إلى الأطفال بل وإلى البهائم أيضاً ولما كان الكيان الصهيوني أحد أقطاب اللواط في العالم كان لزاماً على أهل حضارة اللواط أن يقفوا معه بل ويؤيدوا ضمناً ما قام به هذا الكيان وما يقوم به كل يوم من إزهاق لأرواح الأطفال منذ سبعين عاما.
حتى لو كان المقتول على سفينة الحرية حيواناً لتقدمت 'بريجيت باردو' بالشكوى إلى مجلس الأمن ومجالس حقوق الحيوان ومجالس اللواطيين في العالم كله دفاعاً عن ذلك الحيوان، أما عندما يموت المتعاطفين مع غزة وعندما يموت أبناء غزة أنفسهم، فلا حقوق لهم ، فهم على ما يبدو أقل من الحيوانات في عيون أهل حضارة اللواط.
قالها الرئيس التشادي يوماً، عندما سرقت فرنسا مئة وثلاثة أطفال من تشاد، 'إنهم يعاملوننا كالحيوانات' لم يهتز حكام الغرب لفضيحة بهذا الحجم، وماتت القضية وعاد سارقو الأطفال إلى فرنسا معززين مكرمين، تماماً كما حدث مع الممرضات البلغاريات اللواتي جربن منتجات حضارة اللواط على أطفال ليبيا المسالمة، فقتلن أربعمئة طفل بريء.
لقد اصطف عالم حضارة اللواط كله مع بلغاريا، وضد أطفال ليبيا واستطاعوا بضغطهم الإفراج عن المجرمات، اللواتي استقبلن في بلغاريا استقبال الأبطال، لدرجة أن الرئيس البلغاري سلمهن أوسمة الشجاعة والاستحقاق. ولقد حصلن على تلك الأوسمة لقتلهن أطفال ليبيا. فأطفال ليبيا ليسوا لواطيين وهم خطر على مستقبل حضارة اللواط في الغرب.
جريمة صهيونية بربرية في عرض البحر وفي المياه الدولية يذهب ضحيتها أشخاص لا يحملون السلاح؛، وإنما يحملون الخبز والدواء لأطفال أبرياء محاصرين منذ سنوات. كانت مكافأتهم أن تقتلهم القوات الصهيونية على مرأى من العالم ومسمع.
فماذا يكون رد بريطانيا، أن تتصل بالحكومة الصهيونية لتطمئن على الرعايا البريطانيين في السفينة، بينما تعبر الأمم المتحدة عن إصابتها بالصدمة، أما إسبانيا فتطلب توضيحات حول الهجوم. وتعلن السويد، أن الهجوم غير مقبول البتة، وأعلن البيت الأبيض أسفه على سقوط ضحايا في الهجوم، فهم مع الهجوم ولكن لا يريدون ضحايا بل ربما أسرى جرحى، وأدانت فرنسا الاستخدام غير المتكافئ للقوة، فهي لا تمانع من الهجوم، ولكن ربما تريد بنادق نصف آلية ولم يعجبها الرشاشات التي استخدمت في المذبحة الإرهابية.
تعالوا نتصور لو أن بلداً عربياً هاجم بريطانياً أو فرنسياً أو أمريكياً، ألا تقوم القيامة فوق رأسه، ولا شك أن مجلس الأمن الدولي سيجتمع وسيدين الحادثة بالإجماع، وسيلجأ إلى الفصل السابع لإحقاق الحق وتقوم حروب ويقتل آلاف الناس فيها؟ أما إن كان المعتدى عليه عربياً أو مسلماً فإلى الجحيم، وهو لا يعني لأوربا شيئاً فهو ليس بلواطي وبالتالي ليس بمتحضر.
عجباً لهذه الحضارة التي قامت على استعباد البِيض لغيرهم، وعلى نهب ثروات الفقراء وإذلال الشعوب بالقوة العسكرية.
لقد ثارت ثائرة أوروبا للدفاع عن الرسام الدنماركي المأفون 'فلمنغ روسن' وأصبحت رسوماته المشينة رمزاً للحرية في بلاد اللواط، تماماً كما دافعت أوروبا كلها عن سلمان رشدي لتشهيره بالإسلام، وهي تدافع عن كل لواطي يسيء للعربية قومية أو لغة أو شعوباً وعن كل حاقد يسيء إلى الإسلام دين الله الحنيف.
لن يقف العالم مع حقوقنا يوماُ لا في فلسطين ولا في العراق ولا في أي نقطة على وجه البسيطة، ولن يقف كثير من القادة العرب مع حقوق الشعوب العربية في استعادة فلسطين أرض كل العرب، ولن يقف كثير من قادة الدول الإسلامية مع حقوق المسلمين في استرجاع القدس، ولن نأمل في حضارة اللواط مهما ادعت دفاعها عن حقوق الإنسان، لا أمل لنا إلا في الشعوب العربية الإسلامية أن تهز عروش الطغاة فتفهم الصديق قبل العدو معنى الحفاظ على الحقوق ومعنى الموت في سبيل الحصول عليها، عندها فقط ستعود لهذه الأمة كرامتها، وأرجو من الله ألا يكون ذلك بعيداً وما ذلك على الله بعزيز.
د. عوض السليمان
دكتوراه في الإعلام فرنسا




--------------------------------------------------------------------------------
محمد كامل الشناوى - حائط الصد الأخير
قلت كل شيىء ولم تترك لنا شيئا نقوله يا دكتور, لكننا نكرر أنه لا أمل يرتجى من حضارة غربية تقودها أمريكا التى قامت على أشلاء ملايين الهنود الحمر الذين كان يتم تجميعهم فى صفوف مقيدى الأيدى ليتم إعدامهم فى حفلات جماعية , بينما فى نفس اللحظة التى تراق فيها دماء الرجال يتم إغتصاب النساء فى تزامن عجيب وشاذ, فأى حضارة تلك التى منذ نشأتها حتى الآن وهى تمارس القتل والتنكيل بشعوب الأرض ؟ ولكن مع ذلك فالعيب ليس فى تلك الحضارة الباغية المتجبرة فوجود أمثالها حتمية تاريخية تفرضها فلسفة وجود الإنسان على الأرض وصراعه بين الخير والشر , وبين الإيمان والكفر , ولذا فالعداء الأمريكى الصهيونى للإسلام وللعرب متجذر فى عقيدتهم الفكرية لأنهم أدركوا أن حائط الصد الأخير على هذا الكوكب أمام جبروتهم هو ما يطلق عليه العرب المسلمون , ولهذا فالصراع قائم لم ينتهى بعد .